الاثنين، يونيو ٢٩، ٢٠٠٩

حكايتي مع المستقبل

حكايتي مع المستقبل

بين مستقبل مصر ..
و فكر شباب المحلة الكبرى

من أجل تحقيق ذلك الحلم، تحمّست لفكرة نادي المستقبل، ثم لجمعية مستقبل مصر التي طرحها أيضا الصديق د. رفعت لقوشة للمناقشة على صفحات " مستقبليات " في المصوّر . و شاركت في الاجتماع التأسيسي من أجل إشهار الجمعية، غير أن وزارة الشئون الاجتماعية أثارت العقبات واحدة بعد الأخرى، و لم أعرف حتّى الآن سببا لذلك، و أغلب الظن أن المسئولين في الوزارة تخوّفوا من حكاية المستقبل هذه، فنحن نخاف ما نجهله ..
ثم كان خطاب الشاب المستنير فتحي عبد الحميد، من المحلّة الكبرى، و قد نشرت نصّ الخطاب في باب " مستقبليات "، لكي يرى القارئ أبعاد الوعي المستقبلي الكامن بين شباب مصر، الذي يعيش في الأقاليم، بعيدا عن صخب العاصمة، دون أن تغيب عنه حركة الفكر المصري . لقد فوجئت بارتفاع مستوى الوعي المستقبلي عند ذلك الشاب، و وجدت في خطابه ردّا مفحما على أولئك المتشائمين المتقاعسين الذين لا يرون أي جدوى في الحديث عن المستقبل أو التفكير فيه .. فماذا قال ابن المحلّة الكبرى ؟ ..
قال بعد المقدمات :
لست أدري من أين أبدأ، لكنّي سأدخل مباشرة في لبّ الموضوع و هو ( مجتمع المعلومات )، و الذي لكم الفضل في طرح الأفكار المتعلّقة به، و تلخيص آراء معظم المفكّرين المستقبليين مثل توفلر و ماسودا .. إلى آخر القائمة . و رغم خطورة و أهمّية هذا الأمر المتعلّق بمستقبل أمّة كاملة، إلاّ أنني لا أسمع صدى أو ردود أفعال حول ما تفضّلتم بطرحه خلال سنوات مضت .
كنت أمنّي النفس بأن الأفكار المستقبلية، و كيفية تحوّلنا من مجتمع صناعي إلى مجتمع المعلومات، ستصبح هي الشغل الشاغل للجميع، حكومات، أو أحزاب، أو مفكّرين .

محور الاشتباك هو الماضي

و مع الأسف الشديد، فإن الأحزاب و التيارات السياسية في مصر ما زالت غارقة حتّى النخاع في أوهام سلفية مزمنة، الكلّ مشتبك مع الكلّ، و محور الاشتباك هو الماضي، و الماضي وحده . أمّا الحكومة فهي مشغولة بمشاكل التعليم و البطالة و الإسكان و الديون .. إلخ، و المفكّرون غارقون في تحليل الوضع الراهن بحثا عن حلول للمشاكل، مرتكزين على ثوابت عصر شمسه آيلة للغروب، تمهيدا لبزوغ شمس عصر جديد، هو عصر الثورة العلمية و التكنولوجية، بكل مقوماته و أسسه التي تختلف تماما عن مقومات و أسس عصر الصناعة .
يتحدّث الجميع عن انتصار الرأسمالية على الشيوعية، دون أن يدركوا إن مجتمع الغد سيسحب البساط من تحتهما معا .

جمعية مستقبل العالم العربي

سأطرح على سيادتكم اقتراحا، أرجو أن ينال اهتمامكم، إذا كان يستحقّ ذلك :
بداية، فإن يدا واحدة لا تصفّق، و لا يكفي أن يتصدّى للكتابة عن المستقبل مفكّر واحد، هو راجي عنايت، فالمهمّة كبيرة و تحتاج إلى جهد جماعي . و يكفيك شرف الاستمرار وحدك حتّى الآن، حاملا مشعل التبشير بمجتمع المعلومات. و لكن، تبقى المشكلة، و هي كيف نحوّل تلك الأفكار المستقبلية العظيمة إلى منهج عمل ؟، كيف نجذب إليها مفكّرين و سياسيين من العالم العربي كلّه ؟، كيف نوسّع دائرة المعرفة بها بين أكبر عدد ممكن من الشعوب العربية ؟ .. هنا يأتي اقتراحي :
هناك الآن " جمعية مستقبل العالم "، و سيادتكم تحضرون مؤتمراتها السنوية، مع المفكرين المستقبليين من أنحاء العالم .. لماذا لا نؤسّس ( جمعية مستقبل العالم العربي )، و ندعو لعضويتها مفكرين من كلّ الأحزاب و التيّارات السياسية العربية و مفكّرين و علماء من جميع التخصّصات .. على أن يترك الجميع أرديتهم الحزبية و القطرية عند باب هذه الجمعية ؟ .
سيكون لهذه الجمعية هدف أساسي هو ( صياغة المشروع الحضاري القومي المستقبلي )، و ذلك وفقا لمبادئ و أسس مجتمع المعلومات . بالإضافة إلى مهام أخرى فرعية، مثل إصدار مجلة للفكر المستقبلي، و ترجمة معظم الكتب المستقبلية، و عقد مؤتمر سنوي للمستقبليين العرب، و الدعوة لإنشاء أقسام متخصّصة للدراسات المستقبلية في الجامعات العربية، إلى آخر ذلك .
المهم، أننا سنسعى جاهدين لكي تتراكم الأفكار المستقبلية، حتّى نستطيع صياغة المشروع الحلم . و حتّى تنهض الجمعية بأعبائها، قد يكون من الملائم أن ندعو لعضويتها بعض الشخصيات العربية المهمومة بمستقبل هذه الأمّة، كالأمير طلال بن عبد العزيز رئيس مجلس الطفولة و التنمية، و دكتورة سعاد الصباح، و غيرهما .
عموما، المهمّة شاقّة، و تحتاج إلى مجهود مضن، لكن نبل الهدف يستحقّ منّا أن نحاول جادّين إخراج هذه الجمعية إلى النور، لتكون تعبيرا عن جهد شعبي عربي غير حكومي، مستهدفين وجه الله و الوطن .
و إذا كان كلّ من يتعاطون السياسة و الفكر في العالم العربي يتحدّثون عن أزمة غياب المشروع
الحضاري، فإن هذه الجمعية ستكون مهمومة بصياغة هذا المشروع .
عموما يا سيدي، إذا كان اقتراحي سيحوز موافقتكم، فإنه يشرّفني أن أكون أول المنضمّين لهذه الجمعية . فقد كان لكتاباتكم المستقبلية الفضل في تغيير اهتماماتي، من إنسان يتعاطى السياسة، إلى إنسان يتعاطى المستقبل عن فهم و اقتناع .
و لكم خالص تمنياتي .

فتحي عبد الحميد
باحث اجتماعي بمديرية أوقاف الغربية

تعليقي على الخطاب

أكرر تحيّتي للأستاذ فتحي عبد الحميد، و تقديري لحماسه القائم على الفهم السليم .. و أطمئنه إلى يقيني بأن يدا واحدة لا تصفّق .. و إلى أن كتاباتي و مساهماتي في الندوات و المحاضرات و المؤتمرات تكشف لي ـ يوما بعد يوم ـ تضاعف عدد الفاهمين، الملتزمين بالتوجّه المستقبلي . و هذا هو سرّ حماسي لتأسيس " نادي المستقبل " الذي دعا إليه دكتور رفعت لقوشة، أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية
و أعتقد أن الخطوات التي تتخذ لإشهار نادي المستقبل، ستتيح للأستاذ فتحي و غيره من المتحمسين، أن يجدوا مجالا لتعميق أفكارهم المستقبلية، و إجراء الحوار المثمر، الذي يفيد في فهم حقيقة واقعنا، و طبيعة المشاكل التي نعاني منها، و مدى ارتباطها ببعضها البعض، و السبيل إلى حلّ هذه المشاكل بشكل حقيقي و دائم، و تجاوز التخلّف الذي فرض علينا، أو ارتضيناه لأنفسنا، و الدخول إلى القرن الحادي و العشرين من موقع أفضل ممّا نحن عليه .
و أعتقد أن نادي المستقبل سيتمكّن من تحقيق المهام التي أوردها الأخ فتحي باعتبارها مهام فرعية، و التي أراها من المهام الأساسية، التي يصعب بدونها القيام بصياغة المشروع الحضاري القومي المستقبلي، أعني بذلك مهام إصدار مجلة للفكر المستقبلي، و ترجمة الكتب المستقبلية، و عقد المؤتمرات المستقبلية . و إذا كان نادي المستقبل سيقتصر في الأغلب على أبناء مصر، في البداية على الأقلّ، فأنا لا أرى ما يمنع أن تنتشر النوادي المستقبلية في الدول العربية، على يد ريادات الفكر المستقبلي فيها، ممّا يتيح في المستقبل القريب تكوين " جمعية مستقبل العالم العربي "، التي يمكن أن تتحمّس لها الشخصيات العربية، كالأمير طلال بن عبد العزيز، و دكتورة سعاد الصباح، و الأمير الحسن بن طلال .

و إلى الرسالة التالية، لنرى استجابة الأمير طلال