الأربعاء، مارس ٠٣، ٢٠١٠

من غادة تعليقا على الرسالة السابقة
بمناسبة حجر البرادعي و تحريك المياه الراكدة :
لايوجد لدينا أي كيان سياسي ..يمتلك رؤية مسـتقبلية لمصر!


ما هو هذا الشىء الذى يسمى التغيير ؟؟؟

استاذى العزيز
لأول مرة اشعر برغبة فى المشاركة و لو بالرأى حيث كنت اشعر انه لا جدوى حتى من الكلام و اذا كان حقا الدكتور البرادعى كما يقول البعض لا يملك رؤية شاملة لكل شىء فهذا شىء طبيعى لانه حتى حكامنا لا يملكون رؤية لأى شىء و لكن يكفينى كمواطنة مهمشة - مثل الملايين لم يعد يشغلنى سوى تدبير نفقات المعيشة و اجتياز اليوم بسلام دون امل فى الغد - انه بارقة امل فى التغيير و هو الشىء الذى لم اذق طعمه و لا اعرف كنهه طوال حياتى ما هو هذا الشىء الذى يسمى التغيير ؟؟؟
هل هناك امل ان احلم و استطيع تحقيق احلامى بعدما خذلتنى كل وعود الاصلاح و الغد الافضل الذى اسمع عنه منذ وعيت للحياة و اصبح الغد بالنسبة لى شىء مرعب قد يجلب على ضرائب جديدة و مفاجآت غير سارة و انا مثلى مثل الملايين من جيلى و الاجيال اللاحقة لا نعلم عن السياسة شىء و لم نمارسها فى حياتنا و الانتخاب الوحيد الذى اشارك فيه هو انتخابات النادى الذى انتمى اليه .و انا شخصيا اشفق على البرادعى مما ينتظره من ويلات و لا اتعجب الا من استعداده لخوض تلك الويلات لاحداث تغيير و يكفينى ذلك الوعد فهو لم يعدنى بالفعل و انما بالمحاولة و نحن شعب قانع يكفينا القليل و نرضى باى قليل يجود به الزمان حتى لم نعد نجد ذلك القليل فلم يعد لدينا ما نخسره حتى نخشى من المجازفة و لأول مرة اجد نفسى مستعدة للمجازفة لانه لم يكن هناك من يستحق.. و يتعجب البعض من تجمهر الناس حول البرادعى و السبب ان الناس ضاقت بحالها و على استعداد لمؤازرة اى شخص .. اى وجه جديد من خارج النظام الفاسد و خارج دائرة الشبهات التى تحيط بكل الشخصيات العامة و بالنسبة لى يكفينى ان يحدث مجرد تغيير فى الوضع اى تغيير لا يهم فقد شهدنا الاسوأ و لم نعد نخشاه فربما .. ربما يحدث الافضل و اشاهد هذا الغد و اتعرف على المستقبل الذى ظللت تنادى به لمدة ربع قرن و لا حياة لمن تنادى لانك كنت تتحدث عن شىء بالنسبة للكثيرين خيالى و لا وجود له الا فى الاحلام التى لا نعرفها الا فى منامنا اما فى اليقظة فلا نعرف الا الكوابيس و اعود و اكرر اننى اصبحت مستعدة للحلم و للايمان بهذا الحلم و هو حال الكثيرين و اريد ان اطمئن الدكتور كافى الذى ذكر فى تعليقه ان الجماهير لا تعى الازمة التى سيتعرض لها البرادعى فى حال ما اذا استطاع احداث ذلك التغيير .. اطمئنة ان الجماهير تعى الكثير اكثر مما يتخيل البعض و لكنهم لم يظهروا سوى اللامبالاه و السلبية لانه لم يكن هناك فائدة من اى شىء اما الان فهناك امل و هذا ما نتعلق كلنا به و يكفينا الامل و الحلم فى زمن افقدنا حتى القدرة على الحلم بمستقبل افضل .

غادة
٢‏/٣‏/٢٠١٠ ٢:٤٠ م

* * *

أشكرك على هذه الرسالة التي تبعث الأمل، ليس في مستقبل دكتور البرادعي، و لكن أساسا في الأجيال الجديدة، التي فشل نظام الحكم الراكد الطويل أن يقتل فيها : الفهم، و الأمل .. و الفضيلة الكبرى لظاهرة البرادعي هو نجاحه في كشف فشل و فساد نظام الحكم، و موات أحزاب المعارضة الي تكفّل ذلك النظام بحرمانها من الهواء الذي تتنفسه، و نجح في تآمره على عناصرها .. ثم ـ وهذا هو الأهم ـ فضيلة بعث الأمل في نسبة عالية من الشعب المصري، و بخاصة أجيالنا الجديدة .

و لكن ..

الحلم جميل و مطلوب .. لكن الحلم الذي نحتاجه حلم عقلاني، يبلور فهمنا لطبيعة مرحلة التطوّر التي تمر بها البشرية، أو تسعى للوصول إليها .. و فهمنا لطبيعة الأسس الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية الجديدة التي يقوم عليها المجتمع البشري الجديد، و الي تتكشّف يوما بعد يوم،رغم كلّ ضروب التآمر و العنف التي يمارسها أنصار الوضع القائم، في مواجهة مسيرة التقدّم التي نلمح إيحاءاتها .

و ملحوظة ..

تفاصيل هذه الرؤية المستقبلية الشاملة، سيجدها كل من يقلّب في رسائل هذا الموقع، و المواقع الأخرى التي تظهر مداخلها في صدر هذه الرسالة .
و إلى المزيد من الأمل رغم أنف المسيطرين و خدّامهم .

راجي عنايت

الأحد، فبراير ٢٨، ٢٠١٠

البرادعي .. و المياه الراكدة

بمناسبة حجر البرادعي و تحريك المياه الراكدة

لايوجد لدينا أي كيان سياسي ..
يمتلك رؤية مسـتقبلية لمصر!
ــــ


أولا : اهتمامي بالمستقبل، ينبع من رغبتي في البحث عن منهج علمي لإعادة بناء حياتنا في مصر، بشكل ينسجم مع التغيّرات الجذرية التي تمر بها البشرية، في تحوّلها إلى مجتمع المعلومات
ثانيا : على مدى ربع قرن، ناديت بأهمية الرؤية المستقبلية لمصر، كأساس لأي تحرّك نحو تجاوز فجوة التخلّف، التي تفصلنا عن باقي المجتمعات المتقدّمة
ثالثا : شرحت، المرّة تلو الأخرى، استحالة الإصلاح و التجويد، أو حتّى مواجهة المشاكل الكبرى، بالتناول الجزئي لكل مشكلة أو مجال على حدة، خاصّة في زمن التغيّرات الكبرى في الحياة، مثل التحوّل من عصر الزراعة إلى عصر الصناعة، أو التحوّل من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات
رابعا : طرحت عام 1992، في كتابي " أفيقوا يرحمكم الله "، منهجا متكاملا لرصد و فهم التغيّرات الحادثة، و وضع الرؤية المستقبلية الشاملة .. كما تضمّن الكتاب ـ بالتفصيل ـ أهم معالم الحياة الجديدة في عصر المعلومات، و طبيعة الأسس التي تقوم عليها مجالات النشاط البشري المختلفة، الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية
خامسا : و في ذلك الكتاب، طرحت بعض التطبيقات الأساسية التي تعتمد على الفهم النابع من الرؤية المستقبلية، فحددت نظم مجتمع المعلومات الجديدة ـ و المختلفة، بل و المتناقضة مع نظم المجتمع الصناعي التي عرفناها ـ في التعليم، و الإدارة، و الاقتصاد، و الممارسة السياسية، و الإعلام
سادسا : على مدى ما يزيد عن 20 سنة، كتبت أحذر قيادات مصر من مواصلة عدم المبالاة بما يجري، و عدم قيامنا بتطوير أوضاعنا، وفقا للتحوّلات التي تتم حولنا في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية . و قلت أكثر من مرّة أن العزلة عمّا يجري مستحيلة في عصر المعلومات، و أنّه إذا لم نبادر بالحركة، فستجبرنا على ذلك القوى العظمى، ليس لحسابنا، و لكن لحسابها هي !

فماذا كانت النتيجة ؟

ربما تكون بيروقراطيتنا قد توقّفت للحظات لقراءة تلك التحذيرات، لكنها سرعان ما أشاحت بنظرها، مواصلة تركيزها على تثبيت الأوضاع القائمة، حرصا على البقاء في موقع السلطة، و مواصلة تحقيق مكاسبها الخاصّة على حساب شعب مصر
و كما توقعت، تحرّكت الولايات المتحدة لترغمنا على قبول ما كان يوما ما في صالحنا، ثم استنزفت منافعه بالنسبة لنا .. و رضخنا المرّة بعد الأخرى للضغط الأمريكي، و لضغوط الشركات الرأسمالية متعدية الجنسيات، مع علمنا بأن تلك الضغوط كانت لحسابهم، و على حساب مصالح الشعب المصري .. لقد حدث ما حذّرت منه مرارا و تكرارا
راحت أوضاع مصر تتدهور عاما بعد عام .. و رحنا نفقد مكانتنا، ليس بين الدول المتقدمة، و لكن أيضا بين الدول لعربية، و الدول النامية في آسيا و أمريكا اللاتينية
أصبحنا أشبه بمن يسعى ـ بعناد غبي ـ لفتح باب جديد، بمفتاح قديم ..!
و بدأت أفقد الأمل نهائيا في أن يستمع أحد إلى صوت العقل في مصر .. و لم يبق لي سوى أن أتصور الحل مشروطا بسيناريو الكارثة الكبرى، الذي قد يصل بنا إلى الإفاقة، و تبيّن سواء السبيل، ولكن في أعقاب محن و خسائر كبرى، ما كان أغنانا عنها

طريق الخـــلاص

أولا : حقيقة مريرة يجب الاعتراف بها .. لا يوجد لدينا أي كيان سياسي ـ حكومي أم معارض، حزب أم جماعة من الناشطين ـ يمتلك رؤية مستقبلية لمصر
ثانيا : حتّى لجنة السياسات التي زعمت أنها تنطلق من رؤية مستقبلية، اكتشفت ـ من واقع أوراقها ـ أنها اعتمدت في الأغلب ـ عند وضع تلك الأوراق ـ على بعض بقايا قيادات منظمة الشباب القديمة، التي اكتسبت على مرّ العهود مقدرة على إرضاء الزبون، أو على أصحاب الأفكار البراجماتية من شباب الاقتصاديين، مثل الآلاف الذين كنت ألتقي بهم في المؤتمر العام لجمعية مستقبل العالم، في واشنطون، و الذين لم تكن لديهم النيّة، أو القدرة، على الفهم الشامل الذي يسمح بوضع الرؤية المستقبلية المطلوبة، يعتمدون على قشور الأفكار دون أن يكلّفوا أنفسهم مشقّة الغوص إلى جوهرها
ثالثا : الفوران السياسي الحالي، قد يشكّل ضغطا إضافيا على البيروقراطية الحاكمة، إلى جانب الضغوط الأمريكية، فيجبرها على تقديم بعض التنازلات غير الجوهرية، التي تعرف سبيل النكوص عنها فيما بعد عندما تهدأ الأمور . و الأحداث الأخيرة، تفيد أن بيروقراطيتنا ولاّدة ! .. و أنها قد بدأت الإعداد لبيروقراطية شابة، إذا ما تداعت العناصر التقليدية، و سقطت في الطريق
رابعا : و الولايات المتحدة، لديها أجنداتها و أولوياتها، التي تتغيّر وفق حسابات خاصة بنظامها الحاكم .. و لا يعلم إلاّ الله ما يمكن أن تطالب به أو ترفضه . و في جميع الأحوال صالحنا ليس مربوطا أبدا بصالح أمريكا، بل إن التناقض قائم على الدوام
ما هي القوى السياسية المصرية، القادرة على أن ترتفع بممارساتها إلى المستوى الفكري، الذي يسمح لها أن تقيم جهدها على رؤية مستقبلية شاملة لمصر، تتيح لنا أن نعيد بناء حياتنا ـ بالكامل ـ على أسس الحياة الجديدة لعصر المعلومات ؟
سؤال يجب أن تلتزم بالإجابة عنه كافة القوي الإجابية و السلبية التي يتصاعد صراعها اليوم.. أمّا أنا فلا أملك له إجابة في إطار الصراع الحالي .. و من قال لا أدري، فقد أفتى

راجي عنايت