الثلاثاء، أكتوبر ٠٢، ٢٠٠٧

التفكير الناقد، و التفكير الابتكاري

تفكير زمن التغيير الشامل

لا شك أن التصدّي لمهمة مواجهة أسس جديدة للحياة، تترتب عليها علاقات اجتماعية و اقتصادية و سياسية جديدة، كما كان لأمر عند الانتقال من عصر الزراعة إلى عصر الصناعة، و كما هو الحال ـ اليوم ـ مع انتقال البشرية ن عصر الصناة إلى عصر المعلومات ذلك النوع من التصدّي يحتاج إلى توفر مجموعة من المزايا العقلية، و الضوابط الأساسية في عمليات التحليل و التركيب الفكري، و من بين ذلك القدرة على ممارسة نوعين خاصين من التفكير، و ليس الوقوف عند حد التفكير المنطقي التقليدي هما : التفكير الناقد، والتفكير الابتكاري

التفكير الناقــد

في زمن التغيير الشديد المتلاحق الذي نعيشه، و الذي تحكم حياتنا فيه أسس و مبادئ و عقائد جديدة علينا، تختلف في معظم الأحيان مع ما كنا نأخذ به، بل و تتناقض مع في كثير منها . في هذا الزمن نحتاج إلى إبداء حرص شديد في تناولنا للأفكار و المعاني و الأوضاع السائدة،حتى لا نقع ـ شعوريا أو لاشعوريا ـ في أخطاء تفكير تعوق وضوح رؤيتنا
التفكير الناقد يمكن أن يكون خير معين لنا في هذا المجال، فهو يتيح أن ندرك تنوّع القيم و ضروب السلوك و أنماط البناء المجتمعي في العالم . و هو يستوجب امتحانا دائما للافتراضات التي نأخذ بها، والتعرف على السياق الذي تخرج منه أفكارنا و عقائدنا، لنتأمل إذا ما كان ذلك السياق يتفق مع سياق حياتنا الحالي و المستقبلي
و من مقومات التفكير الناقد
( 1 ) التعرّف على الافتراضات و تحدّيها
من أهم أسس التفكير الناقد، محاولة التعرف على الافتراضات التي يقوم عليها تفكيرنا و ضروب سلوكنا . ثم امتحان هذه الافتراضات، و التحقّق من مدى سلامتها و اتفاقها مع واقع الحياة التي يعيشها . علنا أن نتساءل بالنسبة لكل ما نأخذه مأخذ التسليم، و نعتبره من الأمور البديهية، سواء في تنظيم العمل، أو في العلاقة مع الآخرين، أو في الأساس الذي يقوم عيه التزامنا السياسي و العقائدي ( 2 ) الانتباه إلى السياق الذي تنبع منه الافتراضات
عندما نعي أهمية الافتراضات الخفية في تشكيل عاداتنا الإدراكية، و في فهمنا للأمور، و في تفسيرنا للعالم من حولنا، و في سلوكنا .. عندما يتحقق هذا، نصبح أكثر إدراكا لمدى تأثير السياق الذي تنبع منه تلك الافتراضات . ممارس التفكير الناقد، يعلم أن الممارسات و التصرفات و الترتيبات الاجتماعية لا تكون بلا سياق يحكمها
( 3 ) تصور و امتحان البدائل
من الأمور الأساسية في التفكير الناقد، القدرة على تخيّل و امتحان بدائل للطرق الحالية التي يلتزم بها الفرد في تفكيره و في حياته . ممارس التفكير الناقد، عندما يتحقّق من أن العديد من أفكاره و تصرفاته تنبع من افتراضات قد لا تكون مناسبة لحياته الراهنة، ينشغل دوما باكتشاف و امتحان طرق جديدة للتفكير و التصرف . و هو يعي دائما أثر السياق في تشكيل كل ما يعتبره عاديا و طبيعيا
( 4 ) التشكك التأمّـلي
عندما نكتشف بدائل جديدة لما كنّا نفترض رسوخه من نظم الاعتقاد و السلوك التي تعودنا عليها، نصبح أكثر تشككا فيما يمكن أن نسميه "الحقيقة النهائية"، أو " التفسير الكامل" الذي لا يمكن أن يلحق به الخلل من أي جانب، و هو ما نطلق عليه :التشكّك التأمّلي

الذين يمارسون التشكك التأملي، لا يأخذون الأمور على علتها . و هم يدركون أن التمسك بممارسة ما أو الاعتماد على بنية ما لزمن طويل، لا يعني أنها الأنسب لجميع الأزمان، و بالتحديد للحظة الراهنة. كما أن مجرّد قبول الفكرة من الجميع، لا يعفينا من امتحانها على أرض الواقع الراهن، ثم نقبلها أو نرفضها وفقا لما نتوصل إليه

التفكير الابتــكاري

التفكير الابتكاري، هو الذي يتيح لنا الوصول إلى البدائل الجديدة التي يدعو التفكير الناقد إلى البحث عنها . و الابتكار الذي نتحـدّث عنه، يتسع عن مجال الابتـكار الذي يمارسه المخترعـون و الفنانون و الأدباء . إنّه الأداة الضرورية للعامل العقلي الذي يسود مجال العمل في عصر المعلومات . و هو الابتكار المنظّم الذي يمكن للفرد العادي أن يتدرّب عليه
المشكلة هي أن التعامل مع التغيّرات الحالية، و مع المجتمع الجديد الذي تقود إليه، لا يجدي فيه الاعتماد على الأفكار أو الخبرات أو النظريات أو العقائد أو الأيديولوجيات النابعة من عصور سابقة، كعصر الزراعة أو عصر الصناعة . نحن في حاجة دائمة إلى تفكير ابتكاري، يفتح لنا سبلا جديدة لم نكن نعرفها من قبل، و يوفّر لنا بدائل متعددة جديدة لحل مشاكلنا، و تجويد عملنا، و إعادة بناء واقعنا وفقا لاحتياجات المجتمع الجديد، مجتمع المعلومات
التفكير الابتكاري، هو طوق النجاة، عندما نفشل في الوصول إلى حلول نعتمد فيها على جمع المعلومات و معالجتها، و تسليط المنطق التقليدي عليها . فالابتكار يتيح لنا الخروج من قبضة الخريطة المحفورة في مخّ كل واحد منّا، و يفتح الباب أمام الحلول الجديدة غير المسبوقة، التي تنسجم مع ما تقتضيه احتياجات المجتمع الجديد
و إذا كان استشراف المستقبل هو موضوعنا الأساسي، فالتفكير الابتكاري هو وسيلتنا لاستشراف المستقبل . قد نستطيع أن نحصل على بيانات كاملة عن الماضي أو الحاضر، لكن من المستحيل أن نصل إلى بيانات كاملة عن المستقبل.. بإمكاننا أن نصل إلى جانب من صورة المستقبل، بدراسة مؤشّرات التغيير الأساسية الراهنة، على صورة سيناريوهات مستقبلية
هذه فكر عاجلة عن هذين النوعين منن التفكير: التفكير الناقد، و التفكير الابتكاري
و لمن يريد التوسّع في معرفة شاملة في هذا الموضوع، أحيله لى الموقع الخاص بالابتكار، عنوانه

و إلى رسالة قادمة .. راجي

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

* كى يتحرر الفكر يجب على المرء أن يتحرر من التبعية للآخر ويواجه قلاع الجمود والتعصب والفساد
* أصحاب المصلحة الحقيقية في مستقبل أفضل لمصر هم المهتمون بالعلم والمعرفة التى يغلفها الضمير الانسانى والحس الواعى بالمصلحة العامة
* يشمل هذا المبدأ الانسان فى كل زمان ومكان على أن يبدأ الانسان بأن يكون ايجابيا
* على أن يلم الانسان بالحقيقة الكونية المجردة وهى أن العمر لحظة يجب أن تخضع للضمير الانسانى ولمعايير وقيم أخلاقية مطلقة لا جدال فيها ومن هنا صلاح الكون والمجتمعات يصفة عامة
* تجديد الفكر عامل رئيسى للتقدم, كذلك الابداع فى الفكر وتطبيقاته
كتبت: نجلاء حبيب الزحلاوى