الثلاثاء، أغسطس ١٤، ٢٠٠٧

قـرأت لكـم

..ما بعد الرأسمالية و الاشتراكية
!و الصراع على سطح الباخرة الغارقة

يشعر الكثير بنوع من الصدمة عندما أقول بانقضاء المعنى الذي شاع طويلا، و مازال شائعا في أحاديثنا لتعبيري اليسار واليمين .. و عندما أقول أن المعنى الحديث لليمين ينسحب على الذين يقاومون التغييرات الحادثة، و يتصورون إمكان استمرار الأسس و العقائد الخاصة بعصر الصناعة .. و أن تعبير اليسار أصبح ينسحب على أولئك الذين يفهمون ـ و يتقبلون ـ بل و يسعون إلى الاستفادة من التغيّرات الحادثة، كما يؤمنون بأنها ظاهرة صحية تقود إلى سيادة مجتمع، أكثر إنسانية من مجتمع الصناعة .. أعني بذلك مجتمع المعلومات .. لقد واجه الكاتب المستقبلي الكبير آلفن توفلر نفس هذا الموقف، عندما احتار البعض في تصنيفه،هل ينسب إلى التيار اليميني، أم التيار اليساري ؟ ، و هو هنا يطرح آراءه في حقيقة الصراع الدائر حاليا، و في " قوى اليمين الجديد "، التي تحاول جاهدة مقاومة التغيير، لحساب مكاسبها الاقتصادية قصيرة المدى

راجي عنايــت
ـ بعض يقرأ كتبك يستنتج أنّك أقرب إلى الجناح اليميني . و البعض الآخر يصرّ على أنّك يساري .. بينما تصمّم أنت على أنّك لست هذا أو ذاك.. كيف ؟
اصطلاح "يمين"، و "يسار"، هما من مخلّفات الحقبة الصناعية، التي عفا عليها الزمان . فهذان الاصطلاحان يتصلان بمن يملك ماذا ؟ "، أو كيف يتم تقسيم ثروة و سلطة النظام الصناعي . الصراع الدائر بينهما اليوم، أشبه بالتنازع على مقاعد سطح عابرة المحيطات، أثناء غرقها
المجتمع يتحرّك بسرعة، خارجا من مجتمع الصناعة، ممّا جعل لافتاتـنا السياسية القديمـة باليـة و مضللة . كما هو الحال أيضا في تقسيماتنا الاقتصادية
السبب في أنّ الأشياء تبدو مختلطة اليوم، هو أن الوضع النسبي للموضوعات قد تغيّر . فالعلاقات بين الموضوعات و الجماعات قد أصبحت أكثر تعدّدا و تنوّعا . و لعلّ من أسباب حيرة الناس في تصنيفي، أنّ مقياس الأولوية عندي، ليس هو ما يحدث " داخل " المجتمع الصناعي، و لكن ما يحدث بين المجتمع الصناعي، و المجتمع الصاعد الذي يتحدّاه . إلى جوار هذا الصدام التاريخي، الذي يتحقّق على نطاق عالمي، تبدو لي كلّ الصراعات الأخرى صغيرة . و بالنسبة لي، هذا هو الصراع الأعظم
مجتمـع المسـتقبل

ـ يقول البعض أنّك بالتركيز على هذا الصراع الأعظم بين الحضارات، تحرف الانتباه عن تقسيمات عميقة أخرى تفصل بين اليسار و اليمين، بين الأغنياء و الفقراء، بين أصحاب السلطة و معدومي السـلطة . كما يقول البعض الآخر أنّ موقفك يتّفق أكثر مع اليسار، لأنّ البؤرة الأساسية لديه هي الصراع بين ما هو قائم، و بين مستقبل أكثر قبولا
* ربّما .. لكن ماذا لو كان ذلك المستقبل متضمّنا العديد من العناصر التي يمكن أن تحوز إعجاب "اليمين" التقليدي . مثال ذلك، التركيز على الفرديّة في مقابل الجمـاهيرية، و عودة ظهور البيت كمؤسّسة مركزية، و معارضة البيروقراطية المركزية . هناك أناس على طرفي التقسيم التقليدي، يمكن أن يشتركوا في التحمّس لهذه القيم.. و يبقى السؤال : لماذا هذا الإصرار على ثني عنق الأشياء، حتّى يمكن أن ندخلها في تصنيفات سابقة زائلة .
معظم الناس ما زالوا حتّى اليوم لا يدركون أنّ القواعد الأساسية تتغيّر، و أنّ صراعات أكبر قد نشأت . صراعات تقلل من شأن أي صراعات أخرى، و تؤثّر فيها . و هم ، بصرف النظر عن مواقفهم السياسية، ينظرون إلى المستقبل كامتداد خطّي بسيط للحاضر . و أعتقد أن بانتظار هؤلاء مفاجأة كبرى، فنحن قد بلغنا نهاية عصر
.
مقاومـة التغييـر

ـ نحن نتكلّم عن الذين يدافعون عن النظام القديم، الذين يريدون الإبقاء على الحضارة الصناعية . فما هو بالضبط الذي يسعون إلي الاحتفاظ به و الإبقاء عليه ؟ .
* الصناعة ليست فقط نظاما اقتصاديا أو سياسيا، إنّها ثقافة، و نسق خاصّ في المؤسّسات الاجتماعية، إنّها أسلوب في المعرفة، و طريقة متكاملة في الحياة . في كلّ مجال، هناك من لدبهم استثماراتهم المرتبطة بهذه الطريقة في الحياة، و هذه الاستثمارات قد تكون اقتصادية أو سياسية أو سيكلوجية أو عرقية أو ثقافية .
إنّك لتجد مؤسّسات اقتصادية ضخمة تدافع عن الصناعات التقليدية، التي تعتمد على القوّة الغاشمة، مثل صناعات الصلب و النسيج و السيّارات، و عن الأساليب التقليدية في التصنيع كالإنتاج على نطاق واسع . بل قد تجد أن أغلب نقابات و اتّحادات العمال تدافع عن نفس هذه الأساليب و الصناعات . تجد أباطرة الاتّصال و الإعلام، سواء كانوا يديرون الشبكات التجارية الكبيرة في أمريكا، أو يديرون الشبكات المركزية الخاضعة للدولة في بلاد أخرى .. تجدهم يحاربون من أجل الإبقاء على جماهيرية الإعلام .
و من بين رجال التعليم، ستجد الكثيرين الذين ما زالوا يتغنّون بفضائل أساليب التعليم النمطي الجماهيري . كما تجد من رجال السياسة و الأحزاب من يقاتلون من أجل الإبقاء على الكيانات السياسية البالية، التي قد تشكّل معظمها لحساب العصر الزراعي، أو العصر الصناعي المبكّر .
هذا التحالف الكبير، الذي يكون لاشعوريا إلى حدّ كبير، و الذي يستهدف الدفاع عن الماضي، لا ينتسب إلى طبقـة بعينها، أو إلى جنس أو ديـن معيّن . حتّى الفقـراء و من هم خارج الصفوة،و المضّطهدين و الذين بلا حول و لا قوّة، حتّى هؤلاء يقاومون بضراوة إحداث أي تغيير فيما هو كائن
.
الحنين المرضي للماضـي

ـ أنت ترى أنّ الصراع الأساسي حاليا، يجري بين العقلية الصنـاعية، و عقلية مجتمع المعلومات . أين تضع إذن الحركات النامـية، كحركات الحفـاظ على البيئة، مثل " حزب الخضـر " في ألمانيا، و الجمعيات المعادية للنشاط النووي في أنحاء العالم ؟ .
*هناك من يدافعون عن المؤسّسات و الممارسات المختلفة للنظام الصناعي، و هناك من يهاجمونها . مثل الذين يهاجمون المركزيّة و عشق الضخامة و النمطية المحبطة . لكن الذين يهاجمون الحضارة الصناعية ينقسمون فيما بينهم .
بعض الذين يهاجمون النظام الصناعي ، لا يهتمّون بالمستقبل بالمرّة . البديل الوحيد الذي يفكّرون فيه، هو الارتداد إلى نوع غامض من الماضي . و هم يمجدّون الماضي متمثـّلا في المجتمعات الزراعية . و ينسون أن معظم الذين عاشوا في تجمّعات زراعية ريفية صغيرة في عصر ما قبل التكنولوجيا، كانوا تعساء نتيجة للمظالم المحلّية، بلا ديموقراطية، و لا حقوق أمام القضاء، منعزلون عن العالم، و بلا أدنى صوت في كلّ ما يمسّ حياتهم . و هؤلاء يمكن أن يشكّلوا تهديدا لحياتنا، لا يقل في خطورته عن تهديد أنصار عصر الصناعة المتراجع .
ـ و ماذا عن الرأسمالية و الاشتراكية، أيكتب لهما البقاء في عصر المعلومات ؟ .
لا .. فلكلّ منهما تناقضاتها الخاصّة القاتلة . إنّ مدّ التغيير يفقدهما مبرر وجودهما، ذلك لأنّهما معا من نتاج الثورة الصناعية . رغم الاختلافات الحادّة بين النظامين، فقد أضفت عليهما الحضارة الصناعية خصائص مشتركة طاغية . فالقوى الصناعية لكلّ من الرأسمالية و الاشتراكية، تعتمد على وقود الحفريّات الذي لا يتجدّد، و على النطاق الواسع النمطي في الإنتاج و التوزيع و التعليم و الإعلام و الترفيه . و كل من النظامين يتّخذ الأسرة النووية نموذجا أساسيا للمجتمع، و يعتمد على نظام الدولة القومية، و يفرض نفس مبادئ النمطية و التوحيد القياسي و التزامن و المركزية و السعي إلى الضخامة و النهايات العظمى .
و لست مع أولئك الذين يتصوّرون إمكان حلّ التناقض بين النظامين، بتحوّلات أو تحويرات يقوم بها كلّ منهما . مثل هذا التفكير ينبع من عقائد عصر الصناعة، و التي تقول أنّ المجتمعات تصبح أكثر تشابها، يوما بعد يوم .
و باختصار، الرأسمالية و الاشتراكية، و ما بينهما من توتّر، كلّ هذا من نتاج عصر الصناعة . لهذا، فعندما ينقضي ذلك العصر، فالأرجح أنّهما سيختفيان باختفائه .


هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

This is just a test

غير معرف يقول...

This is just a test!

غير معرف يقول...

I commend Ragy Enayat for his continuing sincere endeavours towards the transformation of society, in collaboration with other similar-minded persons, to gradually acheave a peaceful and sound society, that hopefully it'll one day apply not only to Egypt, but rather, to all of humankind.

غير معرف يقول...

Although we tend to blame the people of authority in a country, and its elite, of not listening or carrying out their duties, we still have to realise that transforming the society-any society - must start with the individual; thayt is at the foundation on which the edifice of a society is built. We do not expect from those in responsible positions, even with the best of intentions, to wave a magic stick, bringing new ideas, issuing rules and regulations, even forming panels and committees to study the situation, to come up with perfect solutions for a transformed society. It just does not work this way.
I believe that unless and until the individuals that compose the society are freed from all kinds of prejudices, of negative thinking, of worn out ideas and beliefs, who possess hostile attitudes towards others who happen to be different from them; unless they are not freed from all that, it is going to be very difficult to work out any serious reconstitution of a sound society, which has justice and coexist in unity and prosperity. People who are really searching for the truth, who have courrage and are unbiased, people of virtus, pure moralities and ethics; enlightened individuals, who are willing to sacrifice their egos, their superiority complex,their material self interest.
If we can reach there, then we can justly call them a new creation and a new race of men (and women, of course!.
The importan question will then be; how can those people be completely transformed, so that they - in their turn - can effectuate such a tremendous undertaking?! The only way - I do believe - is the assistance from on High; we humanbeing after all, are also spiritual beings (regardless of what some people would say!).
This is going to be a long and difficult path, but if we are willing to walk it in all confidence and trust, the result will be light upon light!!!
H.R.

Ibn Mazzhar يقول...

I believe that there will be no hope for any change if we are not able to think and work as engineers or scientists. They always look for solutions that can be implemented. Otherwise all what we read or write will resist implementation.Questiuon: Is there any long range project for change?

Ibn Mazzhar